القادر على ذلك بلطفي، ولكني لم أفعل ذلك لسابق علمي في خلقي، ونافذ قضائي فيهم من قبل أن أخلقهم وأصوِّر أجسامهم).

قلت: وهذه الآية العظيمة تندرج ضمن مفهوم المشيئة الإذنية، فإن المشيئة كما وردت في الكتاب والسنة ثلاثة أقسام: كونية وشرعية ومشتركة.

أولًا: المشيئة الكونية. وهي نوعان:

1 - المشيئة الإجبارية.

2 - المشيئة الإذنية.

ثانيًا: المشيئة الشرعية.-أمر الله ونهيه-.

ثالثًا: المشيئة المشتركة.-اشتراك المشيئة الكونية والمشيئة الشرعية-.

وقد فصلت ذلك ببيان مُدَلّل في كتابي: أصل الدين والإيمان -عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان- في أبحاث القدر- الباب السادس: مفهوم المشيئة والاستطاعة. فلله الحمد والمنة.

وأما الآية الكريمة موضوع التفسير هنا: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} - فهي تدل على مفهوم المشيئة الإذنية: وهي المشيئة المرتبطة بعلم الله وعدله وحكمته، إذ علم سبحانه الأعمال وكتبها فلا أحد اختار الإيمان رغم مشيئة الله، ولا أحد اختار الكفر رغم مشيئة الله، بل الكل داخل في اختياره تحت مشيئته تعالى، فلا أحد يخرج بإرادته ومشيئته عن إرادة الله ومشيئته عز وجل.

قال سبحانه في سورة يونس: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}. وقال جل ذكره في سورة النساء: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ (64)}. وقال جل ثناؤه في سورة النحل: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)}. وقال جلت عظمته في سورة يونس: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015