لك سلمًا في السماء، فتصعد عليه، فتأتيهم بآية أفضل مما أتيناهم به، فافعل).
قال قتادة: ({نَفَقًا فِي الْأَرْضِ}: سَرَبًا، {أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ}، قال: السلم الدَّرَج).
قال الزجاج: (وهو مشتق من السلامة كأنه يسلمك إلى الموضع الذي تريد).
قال النسفي: (فافعل- وهو جواب {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ}، وإن استطعت وجوابها جواب {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ}. والمعنى إنك لا تستطيع ذلك، والمراد بيان حرصه على إسلام قومه وأنه لو استطاع أن يأتيهم بآية من تحت الأرض أو من فوق السماء لأتى بها رجاء إيمانهم).
وقال القاسمي: (وَحَسُنَ حذف الجواب لعلم السامع به. أي: لكن لم يجعل الله لك هذه الاستطاعة، إذ يصير الإيمان ضروريًا غير نافع).
وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى}.
قال ابن عباس: (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى، فأخبر الله أنه لا يؤمن إلا من قد سَبَقَ له من الله السعادة في الذكر الأول).
وهناك أقوال للمفسرين تكمل المعنى وتزيده وضوحًا وبيانًا:
1 - قال القرطبي: ({وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} أي: لخلقهم مؤمنين وطبعهم عليه، بَيَّن تعالى أن كفرهم بمشيئة الله ردًّا على القدرية. وقيل المعنى: أي لأراهم آية تَضْطَرّهم إلى الإيمان، ولكنه أراد عَزَّ وجل أن يثيب منهم من آمن ومن أحسن).
2 - قال النسفي: ({وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى}: لجعلهم بحيث يختارون الهدى، ولكن لما علم أنهم يختارون الكفر لم يشأ أن يجمعهم على ذلك).
3 - قال القاسمي: ({وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} أي: ولكنه شَاء بمقتضى جلاله وجماله، إظهار غاية قهره، وغاية لطفه).
4 - وأكّد شيخ المفسرين هذه المعاني حيث قال: (يقول تعالى ذكره: إن الذين يكذبونك من هؤلاء الكفار، يا محمد، فيحزنك تكذيبهم إياك، لو أشاء أن أجمعهم على استقامة من الدين، وصواب من محجة الإسلام، حتى تكون كلمة جميعكم واحدة، وملتكم وملتهم واحدة، لجمعتهم على ذلك، ولم يكن بعيدًا عليَّ، لأني