شريق لأبي جهل: يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سَمِعت من محمد؟ -وكان يستمع كل منهما قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- من الليل- قال: ماذا سمعت؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشَّرف: أَطْعَموا فَأَطعَمْنا، وحمَلُوا فحَملنا، وأعطَوا فأعْطَيْنا، حتى إذا تجاثَينا على الركب، وكنا كفرسي رِهَان، قالوا: منا نبيٌّ يأتيه الوحيُ من السماء! فمتى نُدْرِكُ هذه؟ والله لا نؤمن به أبدًا ولا نصدقه، قال: فقام عنه الأخنس وتركه) (?).
وقوله: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا}.
قال قتادة: (يُعَزّي نبيه -صلى الله عليه وسلم- كما تسمعون، ويخبره أن الرسل قد كُذِّبَتْ قبله، فصبروا على ما كذبوا، حتى حكم الله وهو خير الحاكمين).
قال القرطبي: ({فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا} أي: فاصبر كما صبروا. {وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} أي: عوننا، أي: فسيأتيك ما وُعِدْتَ به).
وقوله: {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}.
قال ابن جرير: (يقول: ولا مُغَيِّرَ لكلمات الله، و {كَلِمَاتِهِ} تعالى ذكره: ما أنزل الله إلى نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، من وعده إياه النصر على من خالفه وضادّه، والظفَر على من تولّى عنه وأدبر).
وقوله: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ}.
قال القاسمي: (أي: من خبرهم في مصابرة الكافرين، وما منحوه من النصر، فلا بد أن نزيل حزنك بإهلاكهم، وليس إمهالهم لإهمالهم، بل لجريان سنته تعالى بتحقيق صبر الرسل وشكرهم).
وقوله: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ}.
أي: إن شق عليك وثقل نأيهم عن الإيمان بما نزل عليك من القرآن، ونهيهم الناس عنه، فإنه وجدت منفذًا تنفذ فيه إلى ما تحت الأرض لتستخرج لهم معجزة خارقة مما اقترحوه، أو تصعد مصعدًا في السماء لتأتيهم بذلك فافعل.
قال ابن عباس: (قوله: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ}، و"النفق" السَّرب، فتذهب فيه، {فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ}، أو تجعل