اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108)}
في هذه الآيات: يا أيها الذين آمنوا ليشهد بينكم وقت الوصية عند الموت اثنان ذوا رشد وعقل من المسلمين أو آخران من غير أهل ملتكم - من أهل الكتاب - إن أنتم سافرتم ذاهبين وراجعين في الأرض فنزل بكم الموت فأوصيتم إليهما، ودفعتم إليهما ما كان معكم من مال وتركة لورثتكم، فإنكم تحبسونهما من بعد الصلاة، فيحلفان بالله - إن اتهمتموهما بخيانة - لا نشتري بأيماننا بالله ثمنًا، فلا نحلف كاذبين لجحد حق أو مال، ولو كان الذي نقسم له ذا قرابة منا. فإن ظهر منهما خيانة أنهما كذبا أو كتما فيقوم حينئذ مقامهما من ورثة الميت، فيحلف أولياء الميت أنه كان كذا وكذا، أو أن شهادة الكافرين باطلة، وما اعتدينا إنا إذن لمن الظالمين. وهذا الفعل، إن فعلتم بهم، أقرب لهم أن يتصدقوا ولا يخونوا، خشية الفضيحة وحذرًا أن ترد الإيمان إلى أولياء الميت فيكشف صنيعهم، فخافوا الله أيها الناس واسمعوا والله لا يوفق مَنْ فَسَقَ عن أمر ربه وخان الأمانة.
أخرج البخاري في صحيحه، وأبو داود في سننه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رجلٌ من بني سهمٍ مع تميم الداري وعدي بن بدَّاءٍ، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم، فلما قدمابتركته فقدوا جامًا (?) من فضة مُخَوَّصًا من ذهب، فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم وجدوا الجام بمكة فقالوا: ابتعثه من تميم وعدي، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم. قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}] (?).
فقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ}.
قال النسفي: (ارتفع اثنان لأنه خبرُ المبتدأ وهو شهادة، بتقدير: شهادة بينكم شهادة اثنين، أو لأنه فاعل "بينكم"، أي: فيما فرض عليكم أن يشهد اثنان. واتسع في