وقوله: {وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}.

قال ابن كثير: (أي: ما شرع الله هذه الأشياء ولا هي عنده قربة، ولكن المشركون افتروا ذلك، وجعلوه شرعًا لهم وقربة يَتَقَرَّبُون بها إليه. وليس ذلك بحاصل لهم، بل هو وَبَالٌ عليهم).

وقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}.

قال ابن جرير: (ويقولون: نحن لهم تبع وهم لنا أئمة وقادة، قد اكتفينا بما أخذنا عنهم، ورضينا بما كانوا عليه من تحريم وتحليل).

وفي التنزيل: {بَلْ قَالوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 22). فأعمتهم الآبائية المظلمة عن إبصار نور الحق، وكان تقليدها الأعمى سبب هلاك لهم. ولذلك قال تعالى: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}.

أي: كيف يتبعونهم ولم يكونوا أهل علم أو صلاح أو اتباع لمنهج الرسل، بل كانت الجاهلية بأعرافها هي التي تحكمهم، وهي التي يعظمونها من دون شرع الله عز وجل! أَمَا وآباؤهم ليسوا أهل علم وهداية وطريق مستقيم فلا يصلحون للاتباع.

105. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)}.

في هذه الآية: يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالاهتمام بإصلاح نفوسهم ودينهم، وأن يبذلوا وسعهم في ذلك، ثم لا يضرهم من اختار الضلال إذا جهدوا في إقامة الدين في خاصتهم مع ما قدروا عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالمآل إلى الله سبحانه، وهناك يخبر تعالى عباده بأعمالهم ويثيبهم عليها عدل الجزاء.

فقوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}.

نصب على الإغراء. والتقدير: احفظوا أنفسكم من الزلل والاثام.

وقد جاءت السنة الصحيحة بآفاق ومعاني هذه الآية، في أحاديث:

الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد وأبو داود بسند صحيح عن قيس، قال: قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015