وأصحابه: يُطعم كلَّ مسكين مُدَّين، وهو قول مجاهد. وقال أحمد: مُدٌّ من حنطة، أو مُدَّان من غيره. فإن لم يجد، أو قلنا بالتخيير، صام عن إطعام كل مسكين يومًا).

قلت: ويبدو من الآية أنه عند تعذر وجُود مثل ما قتل من النعم، فالكفارة إطعام مساكين بقدر قيمة الصيد المقتول يَتصدق به على الفقراء، يُفرق بما يطعم كل فقير أو مسكين على حدة، فإن لم يجد أو ذهبنا إلى التخيير صام عن إطعام كل مسكين يومًا.

وقوله: {لِيَذُوقَ وَبَال أَمْرِهِ}.

أي: مغبة المخالفة والعصيان لأمر الله.

وقوله: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}.

أي: مما كان من قتل الصيد في الجاهلية - قاله عطاء. أو قبل نزول الكفارة. قاله آخرون.

وقوله: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}.

قال سعيد بن جبير: (معناه فينتقم الله منه بالكفارة). وقال ابن عباس: (من قتل شيئًا من الصيد خطأ وهو محرم، يحكم عليه فيه كلما قتله، وإن قتله عمدًا يحكم عليه فيه مرّة واحدة، فإن عاد يقال له: "ينتقم الله منك" كما قال الله عزَ وجل). وقال عطاء: (من عاد في الإسلام، فينتقم الله منه وعليه مع ذلك الكفارة).

قلت: ويبدو أن هذا الوعيد ترهيب من التهاون في تعظيم حرمات الله وشعائره، فإنه لا يعني وجود الكفارة التهاون أبدًا، ولذلك هدّد سبحانه وتوعّد من سلك سبيل التهاون، وهذا ينطبق على كل أمر شرعي وعلى كل مخالفة - والله تعالى أعلم.

وقوله: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95)}.

أي: منيع في ملكه، له الكبرياء والجبروت وهو الواحد القهار، ولو شاء انتقم ممن عصاه أو أعطاه فرصة ليستعتب، فليتنبه المؤمن من ذلك إلى وجوب تعظيم حرمات الله وأوامره وشرعه.

96 - 99. قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) جَعَلَ اللَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015