وقوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}.
قال ابن كثير: (يعني أنه يحكم بالجزاء في المثل، أو القيمة في غير المثل، عدلان من المسلمين).
وقال ابن جرير: حدّثنا ابن وكيع، حدثنا ابن عيينة، عن مُخارق، عن طارق قال: (أَوْطأ أربدُ ظَبيًا فقتله وهو مُحْرِم، فأتى عمر ليحكم عليه، فقال له عمر: احكم معي. فحكما فيه جَدْيًا، قد جَمَعَ الماء والشجر. ثم قال عمر: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}).
وفي هذا الأثر دلالة عند الشافعي وأحمد على جواز كون القاتل أحد الحكمين.
وفي أثر عنه مشابه قال عمر: (ائت رجلين من إخوانك فليحكما عليك. قال: فأتيت عبد الرحمن وسعدًا، فحكما عليَّ بِتيسٍ أعفر) رواه ابن جرير.
وقوله: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}.
أي: يصل إلى الكعبة ليُذبح هناك ويوزع على مساكين وفقراء الحرم.
وقوله: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}.
قال ابن عباس: (إذا قتل المحرم شيئًا من الصيد، حكم عليه فيه. فإن قتل ظبيًا أو نحوه، فعليه شاة تذبح بمكة. فإن لم يجد، فإطعام ستة مساكين. فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. وإن قتل أيِّلًا أو نحوه فعليه بقرة. فإن لم يجدها أطعم عشرين مسكينًا. فإن لم يجد، صام عشرين يومًا. وإن قتل نعامة أو حمارَ وحش أو نحوه، فعليه بَدَنة من الإبل. فإن لم يجد، أطعم ثلاثين مسكينًا. فإن لم يجد، صام ثلاثين يومًا. والطعام مدٌّ مدٌّ، شِبَعَهم) ذكره بسنده ابن جرير.
قال ابن كثير: (إذا لم يجد المحرمُ مثل ما قتل من النعَم، أو لم يكن الصيد المقتول من ذوات الأمثال، أو قلنا بالتخيير في هذا المقام من الجزاء والإطعام والصيام، كما هو قولُ مالك، وأبي حنيفةَ، وأبي يوسفَ، ومحمد بن الحسن، وأحدِ قولي الشافعي، والمشهور عن أحمد - رحمهم الله - لظاهر الآية {أو} فإنها للتخيير. والقول الآخر أنَّها على الترتيب. فصورة ذلك أن يعدل إلى القيمة، فيقوّم الصيد المقتول عند مالك، وأبي حنيفة وأصحابه، وحماد، وإبراهيم. وقال الشافعي: يقوم مثله من النعم لو كان موجودًا، ثم يشترى به طعام ويتصدَّق به، فيصرف لكل مسكين مُدٌّ منه عند الشافعي، ومالك، وفقهاء الحجاز، واختاره ابنُ جرير. وقال أبو حنيفة