وقال ابن بُكير: (إنما أُذِنَ في قتل العقرب لأنَّها ذات حُمَة (?)، وفي الفأرة لقرضها السِّقاء والحذاء اللذين بهما قوام المسافر. وفي الغراب لوقوعه على الظهر (?) ونَقْبه عن لحومها).

الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: [أنبأنا صعب بن جَثَّامَةَ قال: مرّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا بالأبواء أو بوَدّان. فأهديت له حمار وحش. فرده عليّ. فلما رأى في وجهي الكراهية قال: إنه ليس بنا ردٌّ عليك. ولكنّا حُرُمٌ] (?).

الحديث الرابع: أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن علي بن أبي طالب، قال: [أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - لحم صيد، وهو مُحْرِمٌ، فلم يأكله] (?).

وقوله: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}.

فيه وجوب الجزاء على فاعل ذلك من مثل ما قتله ذلك المحرم.

قال القرطبي رحمه الله: (ما يُجْزِئ من الصيد شيئان: دوابٌ وطيرٌ، فيُجْزِئ ما كان من الدواب بنظيره في الخلقة والصورة، ففي النّعامة بَدَنة، وفي حمار الوحش وبقرة الوحش بقرة، وفي الظبي شاة، وبه قال الشافعي. وأقل ما يجزئ عند مالك ما استيسر من الهدي وكان أضحية، وذلك كالجذع من الضأن والثني مما سواه، وما لم يبلغ جزاؤه ذلك ففيه إطعام أو صيام).

قلت: والمِثْل يقتضي حسب ظاهر النص المثل الخِلْقي الصوري، ويدل عليه قوله: {من النّعم}، فبَيّنَ بذلك سبحانه جنس المثل. وقد قضى الصحابة في النعامة ببدَنة، وفي بقرة الوحش ببقرة، وفي الغزال بِعَنزٍ، ونحو ذلك.

أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن جابر، فال: [جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الضبع، يصيبه المحرم، كبشًا. وجعله من الصيد] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015