وقال ابن عباس: (ليس عليهم حرج فيما كانوا يشربون قبل أن أحرمها، إذا كانوا محسنين متقين، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}). وقد مضى ذكر أسباب نزول هذه الآية في ذلك بالأسانيد الصحيحة.
94 - 95. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَال أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95)}.
في هذه الآياتِ: اختبارُ الله للمؤمنين ببعض الصيد حالة إحرامهم ليعلم أهل طاعته والإيمان به والمعظمين لحدوده وشعائره، وَتَوَعُّدٌ للمخالفين بعذاب موجع مؤلم. ثم نَهْيٌ صريح عن قتل صيد البر حالة الإحرام، وإعلامٌ من الله تعالى ذكره عبادَه حكم القاتل من المحرمين الصيد الذي نهاه عن قتله متعمدًا.
فقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}.
قال ابن عباس: (هو الضعيف من الصيد وصغيره، يبتلي الله تعالى ذكره به عباده في إحرامهم، حتى لو شاؤوا نالوه بأيديهم. فنهاهم الله أن يقربوه).
وقال مجاهد: (النَّبْل، {رماحكم}، تنال كبير الصيد، {أَيْدِيكُمْ} تنال صغير الصيد، أخذ الفرخ والبيض). وقال: (الفراخ والبيض، وما لا يستطيع أن يفرّ).
وقوله: {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ}.
قال ابن كثير: (يعني: أنَّه تعالى يبتليهم بالصيد يغشاهم في رحالهم، يتمكّنون من أخذه بالأيدي والرماح سِرًّا وجهرًا، لتظهر طاعةُ من يُطيع منهم في سرّه وجَهْره. كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)} [الملك]).
وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
قال السدي: (يعني بعد هذا الإعلام والإنذار والتقدم).