الأنصار والمهاجرين عندهم، فقلت: المهاجرون خيرٌ من الأنصار، قال: فأخذ رجل لَحْيَي جمل فضربني به فجرح أنفي (وفي رواية: ففزره وكان أنف سعد مفزورًا) فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فأنزل الله تعالى فيّ - يعني نفسه شأن الخمر - {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}] (?).
وقوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا}.
قال القرطبي: (تأكيد للتحريم، وتشديد في الوعيد، وامتثال للأمر، وكف عن المنهيّ عنه).
وقوله: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)}.
أي: إن أعرضتم عن الامتثال وركبتم المخالفة فقد قامت عليكم الحجة، وانتهت الأعذار، ولم يبق إلا العقاب ونزول العذاب.
وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)}.
المعنى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات حرج فيما شربوا قبل التحريم إذا ما اتقى الله الأحياء منهم فخافوه وامتثلوا أمره في اجتناب ما حرّم عليهم، وصدقوا الله ورسوله فيما أمراهم ونهياهم واكتسبوا من الأعمال الصالحة التي ترضيه سبحانه. {ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا} أي: ثم خافوا الله وثبتوا على الإيمان واجتناب ما حرّم عليهم ولم يغيروا ولم يبدلوا، {ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا} أي تابعوا الترقي في منهاج التقوى والخوف من الله حتى بلغوا أعلى المراتب في ذلك وهي مرتبة الإحسان: وهي أن يعبد العبد ربه كأنه يراه، والله يحب المحسنين.
قال ابن جرير: (فالاتقاء الأول: هو الاتقاء بتلقي أمر الله بالقبول والتصديق، والدينونة به والعمل. والاتقاء الثاني: الاتقاء بالثبات على التصديق، وترك التبديل والتغيير. والاتقاء الثالث: هو الاتقاء بالإحسان، والتقرُّب بنوافل الأعمال).
قال مجاهد: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا}، لمن كان يشرب الخمر ممن قتل مع محمد - صلى الله عليه وسلم - ببدر وأحد).