قلت: ووجه الارتباط بين الخمر والشرك: أنَّ المشرك يعبد حجرًا أو صنمًا، وشارب الخمر المدمن عليه يعبد كأسًا، وكلاهما يصرف العبادة والخضوع لغير الله.

الحديث السادس: أخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لا يدخل الجَنَّة مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم] (?).

فقرنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع السحر وقطيعة الرحم، فنعوذ بالله من هذا الشراب الخبيث، ومن مجالسة أهله وعشاقه، الذين استذلتهم الكأس حتى ذهبت عقولهم وهانت عليهم المعصية.

أخرج البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب أنه قال في خطبته على مِنْبَر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أيها الناس، إنه نزل تحريمُ الخَمْرِ وهي من خمسة: من العِنَب، والتَّمر، والعَسَل، والحِنْطَةِ، والعثمعير. والخمرُ ما خامر العقل] (?).

وقوله: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

فعلّق الفلاح باجتناب تلك المحرمات.

وقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)}.

تَحْذيرٌ من مسلك الشيطان في تحبيب شرب الخمر والمياسرة بالقداح وتحسين ذلك حتى يوقع العداوة والبغضاء بين المؤمنين ويصدهم بسكرهم ولهوهم عن ذكر الله الذي فيه سعادة دنياهم وأخراهم، وكذلك عن الصلاة الواجبة عليهم التي فيها صلتهم بربهم ومناجاتهم له، فهل أنتم منتهون - أيها المؤمنون - عن هذا الشراب الخبيث وذلك القمار المشين، ومقبلون على ما فيه صلاح دنياكم وأخراكم.

أخرج الإمام مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: [نزلت فيَّ آيات من القرآن. وفيه قال: وأتيت على نفر من الأنصار، فقالوا: تعال نُطْعِمك ونسقيك خمرًا، وذلك فبل أن تُحرم الخمر، قال: فأتيتهم في حَشٍّ - والحَشُّ البستان - فإذا رأس جزور مشوي عندهم، وزقٌ من خمر. قال: فأكلتُ وشربتُ معهم، قال: فذكرت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015