خلقها سبحانه، ثم أرسلها إلى مريم فدخلت بها، فَصَيَّرَها الله تعالى روحَ عيسى عليه السلام، وقد أضيفت الروح إلى الله على وجه التشريف.
أخرج البخاري عن عبادة بن الصامت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل] (?).
وقوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}. أي: الزموا منهج الإيمان بالله ورسوله دون تحريف أو تشبيه، فالله واحد أحد، لم يلد ولم يولد، ولم تكن له صاحبة، وعيسى بن مريم عبده ورسوله.
وقوله: {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ}.
قال ابن جرير: (يعني: ولا تقولوا: الأرباب ثلاثة. قال: انتهوا أيها القائلون: الله ثالث ثلاثة، عما تقولون من الزور والشرك بالله، فإن الانتهاء عن ذلك خير لكم من قيله، لما لكم عند الله من العقاب العاجل لكم - على قيلكم ذلك، إن أقمتم عليه).
وفي التنزيل: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} [المائدة: 73]. وكذلك: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 72].
وقوله: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: 171].
أي: تعالى الله وتقدس أن يكون له صاحبة أو ولد، فهو الملك له جميع ما في السماوات والأرض، {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} [الأنعام: 101]. فإن من كان له ولد لا يستحق الإلهية، وكذلك من كان له صاحبة، لا يصح أن يكون إلهًا معبودًا.
قال تعالى: {وَقَالوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَال هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ