قال ابن عباس: ({وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ}، قال: نصيبها منه). وقال عطاء: (في الأيام والنفقة). وقال سعيد بن جبير: (المرأة تشحُّ على مال زوجها ونفسه).
وقيل: وأحضرت نفس كل واحد من الرجل والمرأة، الشحَّ بحقه قِبل صاحبه. والأول أرجح واختاره ابن جرير. فتأويل المعنى: وأحضرت أنفس النساء أهواءَهن، من فرط الحرص على حقوقهن من أزواجهن، والشح بذلك على ضرائرهن. قال ابن عباس: (والشح: هواه في الشيء يحرص عليه).
فالصلح خير من الفراق عند المشاحة، ولذلك صالحت سودة بنت زمعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين كبرت وعزم على فراقها، على أن يمسكها وتهب يومها لعائشة، فقبل ذلك منها وأبقاها.
ففي الصحيحين عن عائشة قالت: [لما كَبرتَ سَوْدَةُ بنت زَمْعة وهبَتْ يومها لعائشة، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ لها بيوم سَوْدَةَ] (?).
وقوله: {وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.
قال ابن كثير: (وإن تَتَجشّموا مشقة الصبر على ما تكرهون منهن وتَقْسِموا لهنَّ أسوة أمثالهن، فإن الله عالم بذلك وسيجزيكم على ذلك أوفر الجزاء).
وقوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}.
قال مجاهد: (واجب، أن لا تستطيعوا العدل بينهن). وقال عبيدة: ({وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}. قال: بنفسه في الحب والجماع).
والمقصود: مهما حاول الرجل العدل الظاهر في المبيت والنفقة، فإنه لا بد من التفاوت في أمر المحبة والشهوة والجماع.
وقوله: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}. أي: إن حصل الميل فانتبهوا من المبالغة المؤذية. وقوله: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}. أي: فتبقى الأخرى معلقة. قال قتادة: (كالمسجونة). وقال ابن عباس: (تذروها لا هي أيّم، ولا هي ذات زوج). وقال الربيع: (لا مطلقة ولا ذات بعل). وقال الضحاك: (لا تدعها كأنها ليس لها زوج).
أخرج أبو داود والترمذي والنسائي بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال