منه ويدافع عنهم، ويمنيهم الظفر على من حاول مكروههم والفَلَج عليهم). وقال ابن كثير: (يعد أولياءه ويمنِّيهم بأنهم هم الفائزون في الدنيا والآخرة، وقد كذب وافترى في ذلك).
وقوله: {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}. أي: إلا باطلًا وكذبًا ومكرًا.
وقوله: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا}. أي: جهنم مأوى الذين اتخذوا الشيطان وليًّا من دون الله، ولا يجدون عنها مَعْدِلًا يعدلون إليه، ولا مندوحة ولا مناص ولا خلاص. وفي لغة العرب: حاصَ فلان عن أمر فهو يحيص حَيْصًا إذا عدل عنه.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}.
هذه هي الصورة المقابلة لتلك الصورة، بساتين نعيم وجمال وخلود، وأنهار تجري في ربوعها، أعدّها الله نزلًا للقائمين بأمره المتنكرين لسبل الشيطان وغروره ومنهاجه، وَعْدٌ من الله وهو أصدق من وعد سبحانه وتعالى، وأصدق من قال.
وفي صحيح مسلم من حديث جابر: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرَّت عيناه، وعلا صَوْتُه، واشتد غضبُه، حتى كأنه مُنْذِرُ جيش يقول: صبّحكم مَساكُم ... ويقول: أما بعدُ، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد].
وفي روايات أخرى عند النسائي والبيهقي وابن ماجة وأحمد - واللفظ للنسائي: [إن أصدق الحديث كلام الله، وخيرُ الهَدْي هَدْيُ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشرُّ الأمور مُحْدَثاتها، وكلُّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار] (?).
123 - 126. قوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ