فيه، نحو الجهة التي يتوهم أن له سبيلا إليها، وإن لم يكن ثمّة سبيل..
أما فى موقفه وقد أحاط به البلاء، واشتملت عليه النار، فإنه ليس ثمة إلا أن يمد يده إلى أقرب شىء يمكن أن يصل إليه، ليقيم منه ستارا على جسده الذي تأكله النار، وقد يكون هذا الشيء بعض أعضاء جسده هو، كيده، التي يدفع بها النار عن وجهه مثلا!! وأقرب شىء إلى الإنسان بعد أعضائه، هم بنوه، ثم صاحبته (زوجه) ثم.. ثم أسرته من أعمام، وأبناء أعمام.. ثم أهل الأرض جميعا.. كل هؤلاء يتخذ منهم دروعا واقية له، يرمى بهم فى وجه البلاء واحدا بعد واحد، ولكن هيهات أن يجد من أىّ وقاية من هذا البلاء..
إنه مجرد أمل يراوده لو أمكنته الفرصة من تحقيقه، ولكن ليس إلى ذلك من سبيل..!
فهذا وجه من وجوه الإعجاز القرآنى، الذي يستولى ببيانه على حقائق الأشياء، وينفذ إلى أعماقها وخفاياها، فإذا هى فى وجه صبح مشرق مبين!! .. (?)
قوله تعالى:
«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ» ..
هو جواب «إذا» فى قوله تعالى: «فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ» أي فإذا جاءت القيامة، فأمر الناس مختلف، فهم فريقان:
- «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ» أي مشرقة بالبهجة والمسرة، تضحك استبشارا بما لاح لها من دلائل الفوز، وما هبّ عليها من أنسام الرضوان والجنان..
«وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ» أي عليها غبرة الكمد والحسد، وسواد الكآبة والمذلة.. «تَرْهَقُها قَتَرَةٌ» .. أي يعلوها الشحوب، ويعتصر ماءها