أبناؤه الذين هم بضعة منه، والذين لا يبقى بعدهم من ينفصل منه إلا بعض أجزاء جسمه هو!! وليس هناك- كما قلنا- زمن يقع فيه هذا الفرار على آنات متتابعة، وإنما هى وحدة شعورية بالفرار، انقسمت فى داخلها، كما تنقسم الذرة! ويلاحظ أن الزوجة، لم تأخذ مكانها من هذا الترتيب، ولم تفضل الأبوين، إلا وهى زوجة ذات صفات خاصة، وهى أنها صاحبة وزوج معا، والزوجة حين تكون بهذه الصفة هى أقرب مخلوق إلى نفس الإنسان وآثره، بعد الأبناء! هذه هى حركة النفس الإنسانية، وتلك معطيات شعورها فى حال الفرار من الخطر، والتماس سبيل النجاة..

فإذا كان الإنسان واقعا ليد الخطر فعلا، وقد أحاط به من كل جانب، وعلقت به النار من رأسه إلى أخمص قدمه- فما الحركة الشعورية للنفس فى دفع هذا الخطر، وإطفاء تلك النار المشتعلة فيه؟

نجد الجواب على هذا فى قوله تعالى، فى سورة المعارج، إذ يقول سبحانه:

«يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ كَلَّا إِنَّها لَظى» . (11- 15)

إن الحركة الشعورية للإنسان هنا تأخذ اتجاها عكس الاتجاه الأول، الذي أخذته فى موقف الفرار..

ففى موقف الفرار، هناك شىء من السعة، يتيح للإنسان أن يتحرك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015