فهؤلاء المشركون الذين يقفون هذا الموقف العنادىّ الضالّ من رسول الله، سوف يدخلون فى دين الله، وسوف يرى فيهم النبىّ القوم المؤمنين الذين تقوم بأيديهم دولة الإسلام.. وغاية ما هناك أن يصبر النبىّ، وأن يحتمل هذا الموقف المتأزم بينه وبين قومه، فإن الضيق إلى فرج، وإن العسر إلى يسر.
وهكذا كانت الآية من البشريات المسعدة، التي بشّر بها النبىّ فى قومه، الذين كان شديد الحرص على هدايتهم ونجاتهم من الهلاك الذي يتدافعون إليه..
وفى قوله تعالى:
«وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ» .
هو حال من فاعل الفعل فى قوله تعالى: «وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ» ..
والفاعل هو ضمير يعود إلى النبىّ- صلوات الله وسلامه عليه، المتلقّى لخطاب ربّه.. أي فاصبر لحكم ربك، وإن كان قومك يرمونك بنظراتهم القاتلة.
فالله سبحانه وتعالى، إذ يدعو النبىّ إلى الصبر على المكاره التي يحملها من قومه، يدعوه إلى هذا فى حال بلغت فيه عداوة قومه غايتها، حتى إنهم ليكادون يزلقونه أي يسقطونه فزعا من نظراتهم المصوّبة إليه بسهام الحنق والغيظ والانتقام.. فهم حين يستمعون إلى الذكر- وهو القرآن الكريم- تغلى مراجل غيظهم، فتنطلق من أعينهم نظرات ملتهبة كأنها السهام، فإذا رأى النبىّ صلى الله عليه وسلم هذه النظرات تنوشه من كل جانب، فزع، وكرب وكاد يسقط من هول ما يطلع عليه من عداوة القوم!! وللعين قدرتها الخارقة على إظهار مكنون الإنسان، من حبّ أو بغض، ومن وعد أو وعيد، فهى المرآة التي تنعكس عليها مشاعر الإنسان، ويتجلى