على صفحتها ما يعتمل فى كيانه من رضا أو سخط، ومن سكينة أو فزع، حتى ليبلغ الأمر أن تكون العين سلاحا قاتلا، يصيب مقاتل من يرمى بها.. وفى هذا يقول الشاعر، فى أعداء التقوا بنظراتهم المتوعدة بالشر، قبل أن يلتقوا بسيوفهم المسلولة للقتال.. يقول:
يتقارضون (?) إذا التقوا فى موطن ... نظرا يزيل مواقع الأقدام
وفى النظرة الحاسدة شىء من هذا، فإنها ترمى المحسود، فى غفلة منه، فتصيب منه مقتلا.. لأنها نظرة منطلقة من قلب يغلى كمدا، وحسرة، على ما بيد المحسود من نعمة الله.
وليس هذا ما لقدرة العين وسلطانها فى الإنسان وحده، بل إنها عند كثير من الحيوانات تكون سلاحا عاملا فى الصراع الدائر بينها..
فالحيّة، كثيرا ما تجد فى نفسها القدرة على إصابة عدوّها بنظرة منها، فإذا أرسلت إلى عدوها نظرة والتقت عينه بعينها، شلت حركته وجمد فى مكانه، وربّما مات قبل أن تصل إليه..!
فالصبر الذي يدعى إليه النبىّ من ربه، هو فى تلك الحال، التي بلغت فيه عداوة القوم له غايتها، بما يرمونه به من نظرات ملتهبة، حين يسمعون آيات الله تتلى عليهم.. وليس هذا النظر المشحون بسموم العداوة وحسب، بل إنهم يرمونه مع هذا بسهام أخرى من أفواههم، كقولهم: مجنون، وساحر..