إلى «ثقيف» بالطائب، ويعرض عليهم دين الله، ويبلّغهم ما أرسل به إلى الناس، ثم لا يلقى منهم إلا استهزاء وسخرية، وإلا تطاولا بالألسنة، ورجما بالأحجار، فيتركهم وقد أيئسوه من أن يجد لدعوته أذنا تسمع، أو عقلا يعى وهنا تنزل تلك الآيات على الرسول الكريم، داعية إياه إلى الصبر، محذرة إياه من أن يأخذ موقفا كموقف أخ له من أنبياء الله قبله، هو يونس عليه السلام..
وهذا على أن هذه الآيات مكية، فى سورتها المكية..
أما على الرأى الذي يقول إنها آيات مدنية فى السورة المكية، فإنه يجعل نزول هذه الآيات فى أعقاب غزوة أحد، بعد أن أصاب المشركون ما أصابوا من صحابة رسول الله، ومنهم عمه حمزة. رضى الله عنه، وبعد أن أصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من سهام المشركين حتى شجّ رأسه، وكسرت رباعيته وسال دمه.
وعلى أىّ، فإن نزول هذه الآيات، كان فى حال اشتد فيها ضيق النبي، وكاد يقع اليأس فى قلبه من إيمان هؤلاء المشركين، الذين ركبوا رءوسهم، وأسلموا للشيطان قيادهم..
هذا، وفى تلك الآيات إشارة إلى أن عاقبة هؤلاء المشركين، هى الإيمان بالله، والاستجابة للرسول، كما آمن قوم يونس، بعد أن عاد إليهم، وجدّد دعوتهم إلى الإيمان بالله.. كما يقول سبحانه: «فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ» (98: يونس) - وفى هذا إشارة من أنباء الغيب إلى مستقبل هذه القرية، وهى مكة، وأن أهلها سيؤمنون، كما آمن قوم يونس.