ربه، وإحسانه إليه «لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ» أي لخرج من بطن الحوت وهو مذموم ملوم من ربّه.. ولكن الله سبحانه وتعالى، استجاب له، حين دعاه من بطن الحوت.. ثم اختاره ربّه من بعد أن خرج من بطن الحوت، فخلع عليه لباس النبوة، الذي عرّى منه أو كاد، حين فارق قومه..
فخروج يونس من بطن الحوت، هو رحمة من رحمة الله به، وإعادته إلى وضعه الأول فى مقام النبوة، هو نعمة مجددة أنعم الله بها عليه، إذ جعله بها من الصالحين، الذين سلموا من الذم، ونجوا من الملامة والعيب.. إنه بعث جديد له.
ففى قوله تعالى: «فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ» - إشارة إلى حال جديدة، أعقبت الحال التي خرج عليها يونس من بطن الحوت، فهو- عليه السلام- خرج كما يخرج السجين من سجنه، يحمل معه آثار الذنب الذي كان منه.. ولكن الله سبحانه تدارك عبده، فأزال عنه هذا الأثر، وخلع عليه خلعة النبوة التي كانت تنتظره، على باب السجن الذي خرج منه، وبهذا ردّ إليه اعتباره، بعد هذا البلاء العظيم..
والسؤال هنا: ماذا كان من النبي- عليه الصلاة والسلام- من موقف مشابه لموقف يونس- عليه السلام- حتى ينبّه إلى الحذر من أن يأخذ الطريق الذي أخذه صاحب الحوت؟
نقول- والله أعلم-: كان النبي صلوات الله وسلامه عليه- قد بلغ به الحال بينه وبين قومه، ماملأ صدره ضيقا بهم، وحيرة فى أمرهم، بعد أن لقيهم بكل طريق، وجاءهم بكل حجة، فلم يكن منهم إلا السفاعة، والتطاول، والإمعان فى المجافاة له، والأذى لأصحابه الذين آمنوا به، وإن الموقف ليبلغ غايته من التأزم والضيق، حين يخرج النبي- صلوات الله وسلامه عليه-