إن شاء الله؟ إن تقديم المشيئة المطلوبة من المؤمن، هو أن يكون مع الأعمال المبرورة، كأن يقول مثلا: والله لأحجّنّ هذا العام إن شاء الله، أو يقول من غير قسم- سأقوم غدا بزيارة فلان المريض.. إن شاء الله.. وهكذا فى كل أمر ليس فيه ما يكره أو ينكر.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ» (23- 24: الكهف) .
أمّا إذا كان الأمر مكروها أو منكرا، فإن المطلوب هو عدم قرنه بالمشيئة، حتى يحرم صاحبه التوفيق فى إصابة هذا الأمر، وتحقيقه.. بل إن المرء لو أقسم على مكروه، أو منكر، كان عليه أن يتحلل من يمينه، وأن يكفّر عنها، كما يقول الرسول الكريم كما رواه مسلم: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليكفّر عن يمينه، ثم ليفعل الذي هو خير» .
وعلى هذا، فإن قوله تعالى: «وَلا يَسْتَثْنُونَ» هو من جملة ما أقسم عليه المقسمون، أي أنهم أقسموا ليصرمن جنتهم مصبحين على ألا يدعوا شيئا من ثمرها مستثنى لوقت آخر.. وهذا ما يتفق والغاية التي قصدوا إليها من تدبيرهم الذي دبروه، وهو ألا يعطوا الفرصة للفقراء والمساكين فيما كان لهم طمع فيه، وتعلق به..
وقوله تعالى:
«فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ» الفاء هنا للتعقيب، وهى فاء الجزاء أيضا.. أي أنهم بعد أن دبروا هذا التدبير السيّء، وأكّدوه بالقسم، أوقع الله بهم العقاب الذي استحقوه بتدبيرهم السيّء هذا.. فطاف على جنتهم طائف من الله سبحانه، وهم نائمون، أي مرّ عليها نذير من نذر الله، وهم نائمون، يحلمون بلقاء جنتهم مصبحين، يقطفون كل ثمارها غير مبقبن على شىء، وإذا هى وقد عريت من كل ثمر!!