مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ»

.. فالاستثناء هنا معنى مرتبط بقوله تعالى:

«لَيَصْرِمُنَّها» كما تعلق به لفظ «مُصْبِحِينَ» وكلاهما حال من أصحاب الجنة..

بمعنى أنهم أقسموا ليصرمنّها كلها، غير تاركين شيئا من ثمرها، وذلك فى مطلع الصبح..

وثانيا: من جهة المعنى.. فإن فى حمل قوله تعالى: «وَلا يَسْتَثْنُونَ» على أنه استثناء مشيئة، بمعنى أنهم أطلقوا القسم من غير أن يقولوا إلا أن يشاء الله- فى هذا الحمل إفساد للمعنى، وخروج به عن الغاية المرادة من الاستثناء فى هذا المقام، لو أريد..

ذلك أن قرن القسم بالمشيئة، هو ضمان لتحققه، كما أن عدم الاستثناء قد يفوّت الأمر المقسم عليه.. وهذا يعنى أن القوم حين أقسموا ولم يستثنوا، لم يتحقق لهم ما أقسموا عليه، وهو جنى ثمار جنتهم، كما يعنى أنهم لو قرنوا القسم بالمشيئة، لتحقق لهم ما أقسموا عليه، ولكن الأمر على خلاف ذلك، فهم أقسموا، ولم يقرنوا القسم بالمشيئة- كما يقول المفسرون- ولم يتحقق لهم ما أقسموا عليه.. فكيف يتفق هذا مع ما يريد المفسرون تحقيقه بالمشيئة؟ فهل كان هذا عملا مبرورا منهم يراد له أن يتحقق، وذلك بأن يعزّز بمشيئة الله؟ ذلك إفساد للمعنى أىّ إفساد! ..

ثم أكان ربط القسم بالمشيئة يدفع عنهم ابتلاء الله لهم، وأخذهم بما مكروا؟ ..

وهل القسم على أمر منكر كهذا الأمر الذي أقسموا عليه يطلب له تزكية بالمشيئة، حتى يكون فى ذلك ضمان لتحققه؟ وهل من المحمود إذا أقسم الإنسان على فعل منكر أن يقدّم مشيئة الله بين يديه، فيقول مثلا: والله لأقتلن فلانا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015