وصرم، الشيء: قطعه، وانصرم حبل الودّ بين فلان وفلان، أي انقطع، وانصرم معظم الليل، أي مضى، كأنه انقطع من الليل..
وقوله تعالى: «وَلا يَسْتَثْنُونَ» هو حال من فاعل: «لَيَصْرِمُنَّها» أي أقسموا ليقطعنّ ثمر الجنة مستقبلين الصبح، غير مستثنين شيئا منها أو مبقين على شىء من ثمر هذه الجنة من غير حصاد أو جنى، حتى لا يبقى لأحد من الفقراء، نظر يتعلق بشىء من ثمرها..
فهذا ما أقسموا عليه، وقد جاء به القرآن على لسانهم..
ويجمع المفسرون على أن قوله تعالى: «وَلا يَسْتَثْنُونَ» هو بمعنى أنهم حين أقسموا على صرم الجنة صباحا، ولم يستثنوا فى هذا القسم، أي لم يقولوا: إن شاء الله!! وهذا المعنى غير مقبول من وجوه:
فأولا: من جهة نظم الكلام، لأن ما ذكره القرآن عنهم هو حكاية لقول قالوه فى زمن مضى، ولهذا جاء به النظم القرآنى بلفظ الماضي: «إِذْ أَقْسَمُوا» .. فهم قد أقسموا فى الماضي، أما ما أقسموا عليه، فهو قطع ثمار الحديقة صباح الغد، أي فى زمن مستقبل، وهو: «لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ» ..
أما قوله تعالى: «وَلا يَسْتَثْنُونَ» فهو من منطوقهم الذي نطقوا به، وهو من جملة ما أقسموا عليه.. فلو أن هذا القسم مطلقا، دون أن يقيدوه بالمشيئة- لو كان المعنى على هذا، لكان مقتضى النظم أن يجىء هكذا: «أقسموا ليصرمنّها مصبحين ولم يستثنوا» !! ولكن النظم القرآنى جاء كما يقول سبحانه: «أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها