ليشير إلى أن هذه الصفات ليست مقصورة على شخص بعينه، وإنما هى صفات يدخل فى دائرتها كل اتصف بها على أي وجه من الوجوه.. وهذا مثل قوله تعالى: «وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً» (28: الكهف) ..
وعلى هذا فإنه يمكن أن يكون للزنيم هنا معنى أعم من معنى أن يكون الإنسان دعيّا فى نسبه إلى أب، أو قبيلة، وذلك بأن يحمل على أنه دعىّ فى نسبه إلى المجتمع الإنسانى كله، فإن من تستولى عليه صفة من هذه الصفات، جدير بها أن تجعله مستنبتا للخبائث كلنا، فنغتال فيه كل معنى من معانى الإنسانية، وبهذا يصبح وجوده فى الناس، وجودا غير شرعى، ويكون انتماؤه إليهم انتماء الأدعياء إلى غير آبائهم.. فهو لصيق فى الناس، كما أن المنتسب إلى غير أبيه لصيق بمن انتسب إليه.. فكيف بمن جمع هذه الرذائل جميعها، واحتواها فى كيانه؟
هذا، وإذا كانت هذه الآيات قد واجهت حالا من أحوال الوليد أو غيره ممن يقال إنها نزلت فيهم، فإن هذا لا يعنى أكثر من أن هذا الشخص، كان الصورة التي تجتمع فيها تلك الصفات، وتحمل أكبر قدر منها، ولهذا كان أصلح من يضرب به المثل فى هذا المقام، ليكون شارة للإنسان الذي خرج من عالم البشر..
قوله تعالى:
«أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ؟» أي ألأن كان هذا الصنف من الناس ذا مال وبنين، يركبه الغرور، ويستبد به الضلال، حتى إذا تليت عليه آياتنا، لوى وجهه عنها، ووصفها هذا الوصف المشين، وأضافها إلى الكذب والافتراء، وقال عنها إنها من أساطير الأولين، وخرافاتهم؟. والاستفهام يراد به الوعيد والتهديد.