والذين قالوا إن الوليد بن المغيرة، هو الذي نزلت فيه الآيات، يجدون لهذا شاهدا من قوله تعالى: «ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ» (11- 26: المدثر) .
فهذه الآيات، قد تواترت الأخبار على أنها نزلت فى الوليد بن المغيرة..
وبين هذه الآيات، والآيات التي فى سورة «القلم» شبه كبير، كما هو ظاهر..
قوله تعالى:
«سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ» .. هذا تحقيق للوعيد الذي حمله الاستفهام فى قوله تعالى: «أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ؟» والوسم، أشبه بالوشم، وهو علامة يعلّم بها الحيوان، بالكيّ فى موضع بارز من جسمه، فيكون أثر الكي علامة مميزة له، دالة على مالكه..
والخرطوم: الأنف، ولا يقال إلا للأنف الطويل، كخرطوم الفيل مثلا..
وفى هذا وعيد وتهديد لهذا الإنسان الذي ركب رأسه وشمخ متطاولا بأنفه، وهام فى أودية الضلال على وجهه، كما تهيم السائمة فى البراري والقفار..
وفى وسم هذا الضال على أنفه الذي تشامخ به، ونفخه بالغرور، حتى طال وتورم وصار كالخرطوم- فى هذا- إذلال له. وإهدار لآدميته، ودمغه بهذا الوشم كما يدمغ الحيوان.. إنه ليس من عالم الناس! ثم ليس هذا وحسب، بل إن الوسم سيكون فى أعزّ مكان منه، وهو