الوحشىّ الطبيعة، الذي ينهش فى أعراض الناس، ويقطّع أواصر الأخوة بينهم، دون أن تتأثر لذلك مشاعره، أو تألم لذلك نفسه، شأنه فى هذا شأن الحيوان المفترس.
والزنيم: هو الدعىّ فى نسبه، المنسوب إلى غير أبيه. أي ولد الزنا..
وفى قوله تعالى: «بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ» - إشارة إلى أن هذه الصفة، وهى الزنامة، هى صفة تفوق فى شناعتها تلك الصفات المذكورة كلها.. أي ومع الصفات الشنيعة كلها، فإنه قد جمع إليها الزنامة، التي هى وحدها مجمع المساءات كلها..
وينسب المفسرون هذه الصفات إلى الوليد بن المغيرة، تارة، وإلى الأخنس ابن شريق تارة أخرى.. ويقولون:، إن الوليد لم يكن ابن المغيرة، وإنما ادعاه المغيرة ونسبه إليه، وهو فى الثامنة عشرة من عمره..
والرأى عندنا، أن هذه الصفات تجمع مجتمع أهل الضلال جميعا، من منافقين ومشركين.. وهى صفات لا يمكن أن تحتملها طبيعة بشرية، باعتبارها صفات ذاتية، ثم يكون لهذا الإنسان المتصف بها وجود بين الناس، وإن غاية ما يمكن أن تحتمل النفس البشرية من طبائع السوء، هو أن تكون على صفة من تلك الصفات اللئيمة، ثم ينضح عليها من تلك الصفة كثير أو قليل من المقابح والمنكرات.. بمعنى أن تكون تلك الصفة الذميمة هى الأمّ التي تتجمع حولها صفات أخرى ذميمة، تكون أشبه بالأعراض لهذه الصفة.. أما أن تكون كل صفة منها ذات وجود ذاتى فى إنسان، فهذا ما يخرج الإنسان جملة من عالم الإنسانية، ويجعله زنيما، أي دعيّا فى نسبه إلى الإنسانية..
ولهذا جاء لفظ «كلّ» فى قوله تعالى: «وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ»