حيث يهمز الناس أي يعيبهم، وينالهم بالسوء، فى غيبتهم، ومن وراء ظهورهم..
فهو جبان، مهين، لا يجرؤ على أن يلقى الناس مواجهة.. وهو إذ يرمى الناس بالمساءات من وراء ظهورهم، يمشى كذلك بينهم بالنميمة، فينقل إليهم من المقولات ما بوقع العداوة والبغضاء بينهم، سواء أكان ما ينقله حقّا أو باطلا..
والمنّاع للخير: شخص مهين ذليل، ممسك بما فى يده، ضنين به، لأنه يرى أنه فى وجه الهلاك والضياع، إن هو لم يحصّن نفسه بالمال، ولم يقم عليها حارسا منه.. إن ذاتيته أضعف من أن تحمى ذاتها، ومن ثمّ كان لا بدّ لها من شىء آخر تحتمى به، وهو المال، وكل ما يمكن أن يكون مصدر نفع مادىّ.. وهذا شأن النفوس الضعيفة المهينة، كما هو شأن ضعاف الحيوان، كالنمل والذرّ.. إنها تختزن طعامها لأيام وشهور، وربما لسنين، كما أنها تجر كل ما يصادفها إلى بيتها، سواء أكانت فى حاجة إليه أم لم يكن لها به حاجة.. وفى هذا يقول الشاعر:
وهل يدخر الضرغام قوتا ليومه ... إذا ادخر النمل الطعام لعامه؟
إن الضن بالخير الذي يكون بين يدى الإنسان، لا يكون إلا من نفس ضعيفة مهينة، ليس فى قدرتها العطاء، والإثمار، وإنما هى أشبه بالنباتات المتسلقة، لا تطلع زهرا، ولا تخرج ثمرا، ولا تنشئ طيبا، ولا تنشر ظلّا.
والمعتدى الأثيم، هو هذا الكذوب، المنافق، الهماز، المشاء بالنميم، الضنين بالخير، لأنه فى كل هذه الصفات يحمل عدوانا، ويقترف إثما.. عدوانا على الناس بالكذب عليهم، ونهش أعراضهم من وراء ظهورهم، والسعى بالنميمة بينهم، وبالضنّ بما لهم من حق فيما بين يديه من خير.. وإثما على نفسه، بما حمل من أوزار بهذا العدوان على الناس.. والعتلّ: هو الجافي، الغليظ الطبع،