النهى عن التصديق، فقد لا يصدّق المرء محدّثة فيما يدعوه إليه، ثم تغلبه نفسه على متابعته، والاستجابة له فيما يفعل.
ولهذا اتجه النهى مباشرة إلى المطلوب منه، وهو عدم الاستجابة لتلك الدعوة التي يدعو إليها المكذبون.. إنهم لا يدعون إلى خير أبدا..
قوله تعالى:
«وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ» .
هذه ملامح، وصفات، تشين من يتصف بها، وتحطّ من قدره فى الناس، فلا يوزن بميزان الإنسان السوىّ، الذي يطمئن إليه الناس، ويتعاملون معه فى ثقة واطمئنان.. إنه لا يتصف بهذه الصفات إنسان له على ميزان الإنسانية وزن.. وهى صفات تجتمع وتتفرق فى هؤلاء المشركين الضالين..
وسواء اجتمعت هذه الصفات كلها فى شخص واحد، أو ظهرت عليه أعراض بعضها. فإن أية صفة منها تدعو إلى غيرها، إذ هى جميعها لا تصدر إلا من طبع لئيم، ولا تنضح إلا من نفس خبيثة فاسدة..
فكثير الحلف: كذوب، منافق.. يدارى كذبه ونفاقه بهذا الستار الأسود، من كثرة الأيمان الكاذبة الفاجرة.. ولهذا وصف بأنه «مَهِينٍ» أي حقير دنىء، لأنه لا يحترم نفسه، ولا يرتفع بها عن أن يبيعها بهذا الثمن البخس، حيث يعرضها فى سوق النفاق والكذب، سلعة رخيصة، لا تجد من ينظر إليها إلا إذا جلجلت من حولها صيحات الأيمان الكاذبة..
والهماز المشاء بالنميم، هو وجه قبيح من وجوه أهل الكذب والنفاق..