فللحياة حكمة، وللموت حكمة، وللبعث بعد الموت حكمة.. «كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ، وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (28. البقرة) .. «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (115: المؤمنون) وقضية الحياة بعد الموت هى مضلّة الضالين، وهى الغشاوة التي تحجبهم عن الله سبحانه وتعالى، فلا يرون مالله سبحانه وتعالى من قدرة، وأنه سبحانه قادر على كل شىء، وأن بعث الحياة فى تلك الأجساد الهامدة، والعظام البالية، ليس بأبعد فى مجال المنطق الإنسانى، من خلقها أول مرة، من تراب، أو من نطفة من ماء مهبن.. ولكن هل يكون للمنطق مكان عند من ختم الله على قلبه وسمعه، وجعل على بصره غشاوة؟ «وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً» (41: المائدة) قوله تعالى:
«الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ» .
أي أنه سبحانه كما خلق الموت والحياة، خلق سبع سموات طباقا.. أي بعضها ينطبق على بعض، وقائم عليه قيام اشتمال واحتواء، وهذا يعنى أن الوجود دائرى الشكل، وأنه دوائر، بعضها داخل بعض، يجمعها مركز واحد، أشبه بتلك الدوائر التي يحدثها حجر يلقى به فى الماء الساكن، فتنداح من موقع الحجر دوائر، بعضها أكبر من بعض.. وهكذا إلى مالا نهاية.
وقوله تعالى: «ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ» أي ما ترى من اختلال أو نقص فى نظام الوجود، وما أبدع الخالق من مخلوقات.. فكل ما خلق الله يحمل شارة دالّة على قدرة الخالق، وعلمه، وحكمته، وإبداعه فيما خلق-