وهذا تعليل مردود من وجوه:

فأولا: أن الفاصلة- كما قلنا- فى أكثر من مرة- لا ينظر إليها فى القرآن الكريم من وراء المعنى، فهى تبع للمعنى، وليس المعنى تبعا لها..

وثانيا: أن «الأخرى» جاءت هنا وصفا لمناة، بعد وصفها بأنها الثالثة..

فهى وصف متعيّن لها دون غيرها، وإحالته إلى غيرها تبديل لكلمات الله..

وثالثا: أن وصف مناة بالأخرى، بعد وصفها بأنها الثالثة، ليس مرادا به آخر المعبودات التي تقع تحت أبصار المشركين، بل هناك غيرها كثير.. وإنما المراد بهذا الوصف استثقال هذه المسميات، وقطع الحديث عما لم يذكر منها، وأن مناة هى آخر ما يذكر من هذه الشناعات، التي تتأذى بسماعها النفوس! إنها ثالثة الأثافىّ، أو ثالثة الهموم، وإن النفس لتضيق بهمّ واحد، فكيف بهمّ، وثان، وثالث؟

ولو كان همّا واحدا لاحتملته ولكنه همّ وثان وثالث! قوله تعالى:

«أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى؟ تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى!» هو استفهام إنكارى، ينكر على المشركين ضلالهم فى أسماء هذه المسميات بعد أن أنكر عليهم المسميات ذاتها.. فهى ذاتها مسميات باطلة، والأسماء التي ركبت عليها أسماء باطلة كذلك، إذا أطلقوا عليها أسماء مؤنثة-، وجعلوها من عالم الإناث.. وهى فى حقيقتها ليست ذكورا، ولا إناثا، لأنها من عالم الجماد، الذي يقبل من الأسماء ما كان على لفظ المذكر أو المؤنث..

فلماذا اختاروا لمعبوداتهم جميعها أسماء مؤنثة؟ ولم لم يجعلوها مذكرة؟ ولم لم يجعلوا بعضها مؤنثا وبعضها مذكرا؟ إن ذلك كلّه لا يغير من حقيقتها شيئا..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015