فالبيت من الوبر، أو الشعر، يسمّى خباء، ويسمى خيمة.. وهو هو بيت من الوبر أو الشعر..! وهكذا كل جماد، قابل لأن يوضع له لفظ مذكر أو مؤنث، للدلالة عليه، وهو فى كل حال ليس مذكرا ولا مؤنثا! وفى هذا تسفيه لأحلام هؤلاء المشركين، وأنهم يتخذون من هذه الدّمى كائنات حية يلبسونها ثوب الإناث، ويناجونها مناجاة الأطفال للّعب التي يتخذونها من الخشب ونحوه، ثم يطلقون عليها أسماء ذوات حية، ينطقونها، ويتناجون معها، كما يتناجى الأطفال مع لعبهم من عرائس، وخيل ونحوها! ومن جهة أخرى، فإن هذه الدّمى التي يتخذها المشركون آلهة يعبدونها من دون الله، هى عندهم تماثيل لبعض الملائكة، الذين هم فى اعتقادهم بنات الله، وأنهم جميعا أناس ليس فيهم ذكور أبدا..
وقوله تعالى: «أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى؟» هو سؤال يكشف عن سفه هؤلاء المشركين وحمقهم، حتى فى مجال هذا العبث الذي هم فيه.. إذ كيف يسوّغ لهم هذا البعث أن يتخذوا من الجماد صورا للملائكة؟ ثم يجعلون الملائكة بنات ينسبون بنوتها إلى الله، ثم يعبدونها تقربا إليه بها؟ أما كان الأولى بهم- وهم فى مقام التقريب إلى الله- أن يجعلوا ما ينسبون له من ذرية- أن يكون من الذكور، الذين هم عندهم فى مقام الحب والإعزاز، لا من الإناث الذين يسوءهم أن يولد منهن مولودة لأحد منهم؟. «وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ» سفها، وضلالا..
وقوله تعالى: «تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى» - هو تعقيب على قوله تعالى:
«أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى» .. وهو حكم واقع على فعلهم هذا فى نسبة البنات إلى الله، على حين يجعلون الذكور مطلبا لهم، ومبتغّى يبتغونه.. وهذا جور