الذي أمسك بهم عن تلبية هذه الدعوة، هو ما وقع فى نفوسهم من شبح الخطر الذي يترصد كلّ من يسير هذه المسيرة، ويدخل على قريش ديارها..
وقوله تعالى: «قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً؟» - هو رد على هؤلاء المخلّفين، وعلى سوء ظنهم بالله سبحانه وتعالى، وجهلهم بما له جل شأنه من سلطان مطلق فى هذا الوجود، وأنه سبحانه هو الذي بيده مقاليد السموات والأرض، وأن أحدا لا يملك معه ضرّا أو نفعا..
وقوله تعالى: «بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً» ، هو تقرير لتلك الحقيقة التي خفيت على هؤلاء المخلفين، وأن الله سبحانه وتعالى يعلم ما يخفون وما يعلنون، علم الخبير الذي لا تخفى عليه خافية، فى الأرض ولا فى السماء..
قوله تعالى:
«بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً» .
هذا هو ما انطوت عليه صدور المخلفين من أوهام وظنون، تسلطت عليهم، فأخذوا هذا الموقف الخاسر، الذي عزلهم عن مواقع الخير، وحرمهم ما ناله المؤمنون الذين ساروا فى مسيرة رسول الله، من رضا الله عنهم، ومن هذا الخير الذي امتلأت به أيديهم من غنائم خيبر..
والبور: الهلاك.. والقوم البور، هم الهالكون، الذين خسروا الدنيا والآخرة جميعا، وذلك هو الخسران المبين..
قوله تعالى:
«وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً» .