هو إخبار من الله سبحانه وتعالى للنبىّ الكريم، بما سيلقاه به الذين تخلفوا من الأعراب عن دعوة الرسول لهم، فى السير معه إلى مكة، لزيارة البيت الحرام، وليكثر بهم أعداد المسلمين، ليكون فى ذلك ما يرهب قريشا، فلا تعترض سبيل النبىّ والمسلمين لزيارة بيت الله.. ولقد تقاعس هؤلاء الأعراب الذين كانوا يعيشون قريبا من المدينة، وتعللوا بأعذار شتى، وفى تقديرهم أن الذين يصحبون النبىّ فى هذا المسير، لن يسلموا من القتل، ولن يرجعوا إلى أهليهم أبدا، وإنه لهو الهلاك المحقق لهذه الجماعة التي استجابت للرسول، وسارت معه.. إذ كيف يعقل- وهذا تقديرهم- أن يواجه النبىّ والمسلمون قريشا بهذا العدد من المسلمين، الذين لا يتجاوز عددهم ألفا، وأن يدخلوا عليهم ديارهم، ويطئوا بلدهم، وقد كانت قريش فى الأمس القريب، فى موقعة أحد، تهدد المسلمين، وتكاد تدخل عليهم المدينة، وتستولى على ديارهم؟
فلما سار النبىّ الكريم مسيرته بأصحابه الذين استجابوا له، وتم صلح الحديبية بينه وبين قريش، وأخذ النبىّ بأصحابه طريقه إلى المدينة، وفتح الله له «خيبر» من غير قتال، - لما كان هذا أخذ هؤلاء المخلّفون من الأعراب يدبرون أمرهم، ويعدّون المقولات التي يلقون بها النبىّ، والمعاذير التي يعتذرون بها إليه، عند رجوعه إلى المدينة..
ومن تلك المقولات ما ذكره الله سبحانه وتعالى عنهم فى قوله تعالى:
«شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا» ..
وقد فضح الله سبحانه وتعالى كذب هذا القول، وردّه على قائليه، فقال سبحانه:
«يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ» أي أنه ليست الأموال والأهلون هى التي شغلت هؤلاء الأعراب عن الاستجابة لدعوة رسول الله، ولكن