هو بيان للجهة التي جاء منها هذا الهلاك والبوار لأولئك المخلّفين، وهو أنهم لم يكونوا مؤمنين بالله ورسوله، إذ لو كانوا مؤمنين حقّا لما كان منهم هذا التخلف عن دعوة الرسول لهم.. إذ الإيمان- فى حقيقته- ولاء مطلق، ومتابعة يلا تردد، ولا مراجعة..
قوله تعالى:
«وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً» ..
هو إلفات إلى الإيمان الصحيح بالله سبحانه وتعالى، وهو الإيمان القائم على اليقين بأن الله سبحانه، له ملك السموات والأرض، وأنه وحده سبحانه، يملك الضر والنفع، فمن آمن بالله على هذا المفهوم واستيقنه، فإنه- فى سبيل الاحتفاظ بهذا الإيمان، والدفاع عنه- يتحدّى الناس جميعا، لا يخاف سلطانا، ولا يرهب قوة..
وقوله تعالى: «وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً» - هو دعوة إلى الذين ساء ظنهم بالله، أن يقيموا إيمانهم بالله على هذا المفهوم، فإن هم فعلوا، غفر الله سبحانه وتعالى لهم ما كان من تقصير فى حق الله، وسوء ظنّ به.
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (15) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (16) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً (17)