وإذن، فإنه إذا كان هناك قتال بين المسلمين وبين عدوّ لهم، فلا ينبغى أبدا أن يقع فى نفوسهم وهن أو ضعف، أو أن يعطوا أيديهم لعدوهم، ويستسلوا له، فإن هذا لا يكون إلا من نفوس تحرص على الحياة، وتتشبث بالبقاء فيها، على أي وضع، ولو سيمت الخسف، ورعت المهانة والذلة..
قوله تعالى: «وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ» ..
هو بيان لما هو مطلوب من الإنسان فى هذه الدنيا، حتى ينال الجزاء الطيب من الله سبحانه وتعالى، وينزل فى الآخرة منازل رضوانه..
وهذا المطلوب من الإنسان هو الإيمان، ثم العمل الصالح الذي يبلغ بالإنسان مبلغ التقوى.. فمن آمن واتّقى أخذ أجره كاملا فى الدنيا والآخرة..
وإتيان الأجر، هو الجزاء الحسن الطيب، للأعمال الحسنة الطيبة، كما فى قوله تعالى: «وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ» (27:
العنكبوت) . وقوله تعالى: «لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ» (30: فاطر) فالأجر هو جزاء عن عمل طيب، يؤجر عليه صاحبه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى على لسان ابنة شعيب عليه السلام: «يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ» (26: القصص) وقوله تعالى: «وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ» - هو واقع فى جواب الشرط، معطوف على قوله تعالى: «يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ» أي أنه إذا حقق المؤمن الإيمان والتقوى فإنه لا يسأل شيئا من ماله، الذي بين يديه، غير ما هو مفروض عليه فيه من زكاة..