وهذا يعنى:
أولا: أن أداء الفرائض على وجهها كاملة، هو غاية المطلوب من الإنسان..
وأنه يأخذ أجره كاملا، دون أن يقدم نظير هذا الأجر عوضا له من ماله..
وثانيا: أنه مهما حرص الإنسان على أداء الفرائض كاملة مستوفاة شرائطها، وأركانها- فإنه لا يمكن أن يتحقق له ذلك على كماله وتمامه، لما يعرض للإنسان من معوقات نفسية، ومادية، تحول بينه وبين الوصول إلى درجة الكمال.. ومن هنا كانت النوافل، التي تقوم إلى جانب الفرائض، ليجبر بها الإنسان ما يقع منه من تقصير فيها.. كما فى النوافل التي تصحب الصلاة والصوم، والزكاة، والحج.. فكل فريضة من هذه الفرائض تصحبها نوافل، هى فى حقيقة أمرها- تعويض وجبر لما قد يقع- ولا بدّ- فى أداء الفريضة من تقصير..
وثالثا: ما تجبر به الفرائض من نوافل قد يخفّ أمره على النفوس، إلا ما كان منها متصلا بالمال، الذي هو رغيبة النفوس، ومتعلق الآمال.. كما يشير إلى ذلك قوله تعالى فى الآية الكريمة بعد هذا..
«إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ» .
يسألكموها: أي إن يسألكم إياها، أي يطلب إليكم مزيدا من الإنفاق من أموالكم، غير ما هو مفروض عليكم من زكاة فيها..
«فَيُحْفِكُمْ» : أي يشتدّ عليكم فى الطلب، ويطلب الكثير مما فى أيديكم.
وأصله من الحفا والحفاء، وهو ما يصيب الراحلة من الإبل، من طول السفر، حتى تحفى أخفافها، ويتآكل جلدها ولحمها.. يقول الأعشى عن ناقته التي كان يتجه بها إلى الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- ليعلن إسلامه