الآيات المنطلقة منه، إلحاحا ملازما، وبهذا يتمايز الناس ويتفاضلون فى الإفادة من الفرصة العابرة، المتاحة لهم..
والقرآن الكريم- وإن قطع بأن المسيح تكلم فى المهد، فإنه لم يذكر شيئا عن صمته أو كلامه، بعد هذه الواقعة التي دافع فيها عن شرف مولده، وطهر أمه وعفافها.. لأن ذلك لا يقدّم ولا يؤخر فى هذا الموقف.
ولكنا- مع ذلك، ومع احترامنا لصمت القرآن فى هذا الأمر- نستطيع أن نقول: إن المسيح لم يكن كلامه فى المهد، إلا تلك الكلمات التي نطق بها، فى مواجهة الاتهام المصوّب إلى أمه من قومها، وأنه بهذه الكلمات الواضحة المحدودة، قد أرى القوم معجزة منه، تناظر المعجزة التي ولد بها، والتي ينكرونها على أمه! ثم عاد بعد هذه الكلمات إلى الطفولة فى صمتها، وفى نطقها.. كما سيتضح ذلك فى حديثنا عن الأناجيل وإغفالها لذكر هذا الحدث العظيم، من حياة المسيح! الأناجيل وحديث المسيح فى مهده:
والذي يدعو إلى العجب حقّا، هو أن الأناجيل الأربعة التي يدين بها المسيحيون اليوم، لم تشر أية إشارة من بعيد أو قريب إلى كلام المسيح فى المهد، ولم تذكر دفاعه المفحم عن أمّه، فى وجه تلك التهمة التي انعقد دخانها عليها، يوم جاءت به تحمله إلى قومها..
ونسأل أولا:
لماذا ذكر القرآن هذا الحدث الذي لم يكن عند أهل الكتاب- من أتباع المسيح- المعاصرين للنبىّ علم به، أو كان لهم به علم ولكن لم يجرءوا على ذكره؟ لماذا يذكر القرآن هذا عن المسيح، ويعطى أتباع المسيح معجزة المسيح، هم ينكرونها؟
ونقول: إن القرآن الكريم إذ يقف هذا الموقف، وإذ يجبه إجماع