ومن هنا كان للحال الذي يشتمل على الإنسان الأثر الأول فى قبوله واستجابة دعائه.
وإن الذي يدعو وهو منقطع الصلة بالله، أو هو خامد الشعور بقدرة الله، أو متشكك فى سماع الله لما يدعو به، وإجابته له- إن مثل هذا قلّ أن يستجاب له.
أما من يدعو وهو على يقين من أن الله قريب منه، مطلع على سرّه ونجواه، وأن بيده الخير كله، وأنه على كل شىء قدير- إن من يدعو وهو على تلك الحال، فهو فى معرض القبول والإجابة لا محالة.. ولهذا يقول الرسول الكريم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» قوله تعالى: «مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ» كلمة الله هنا هى المسيح عيسى ابن مريم، وبهذه الكلمة بشّر الله مريم، فقال تعالى: «يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ» وذلك فى الآيات التالية بعد هذه الآية.. وقد كان يحيى- عليه السّلام- هو الذي عمّد عيسى، وهو الذي بشّر به، وصدّق برسالته، كما تحدث بذلك الأناجيل.
قوله تعالى: «وَسَيِّداً» أي سيّدا على نفسه، متحكما فى شهواته غالبا لها..
وقوله تعالى «وَحَصُوراً» أي مجانبا الشهوات، حتى لكأنه عاجز عن إتيانها لضعف أو مرض، وما به ضعف أو مرض، ولكن قوة روحه قهرت نداء شهواته، ودعوة جسده.
وفى قوله تعالى: «وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ» ما يسأل عنه، وهو: هل فى الأنبياء صالح وغير صالح، أم أن الأنبياء جميعا من الصالحين؟