لا شك أن الأنبياء جميعا من الصالحين، لأنهم صفوة خلق الله، وقد اختارهم الله، واصطفاهم للسفارة بينه وبين عباده، وليس يختار لهذه المهمة الكريمة إلا أكرم الخلق، وأفضل الناس فى كل أمة يبعث فيها رسول..
فكلمة «نبىّ» تحمل معها كل معانى الحياة للصلاح والتقوى! فما الحكمة فى أن وصف النبىّ بالصلاح هنا؟
ونقول- والله أعلم- إن وصف النبوة الذي وصف به يحيى فيما وصف به من صفات، هو وصف شرفىّ، لشرف الوظيفة التي هى النبوة، وهى مع هذا لا نستغنى عن الأوصاف الشخصية التي تكون للنبىّ، قبل النبوة، ومع النبوة..
والصّلاح على إطلاقه هو أكمل صفة وأتمها يمكن أن يظفر بها إنسان حتى الأنبياء.. فهى الكمال الإنسانىّ فى أعلى مراتبه وأشرف منازله، ولهذا كان من دعوات الأنبياء عليهم السلام أن يكونوا من عباد الله الصالحين كما قال الله تعالى على لسان سليمان: «وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ» . (19: النمل) وقال تعالى على لسان إبراهيم، وهو يطلب الولد الصالح: «رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ» (100: الصافات) وقال سبحانه فى وصف عيسى عليه السّلام: «وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ» (46: آل عمران) ومعنى هذا أن الصلاح صفة ملازمة له، قبل النبوة ومع النبوّة، فلو لم يكن نبيّا من الأنبياء لكان صالحا من عباد الله الصالحين.