إن موروثات الآباء والأجداد، من الضلال، هى التي غلبت على هذا العقل وما فيه من ذكاء، وما اجتمع له من علم..!

«وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ» .

أي حجبها عن الإيمان بالله، ما نشأت على عبادته من دون الله، لأنها ولدت في قوم كافرين، فورثت الكفر عنهم، ونشأت عليه منذ طفولتها، فخالط عقلها، وسكن في مشاعرها! ..

وتلك هي الآفة التي تسلطت على عقول كثير من ذى العقول، فأفسدتها، وأضلتها عن سواء السبيل.. وهذا من شأنه أن يدعو الإنسان إلى طلب التحرر من موروثات الآباء والأجداد، وأن يعيد بناء عقله- متى بلغ الرشد- على البحث والنظر، فما رآه صالحا، قبله، وما وجده فاسدا، دفعه وتخلى عنه..

وحين وجد سليمان نفسه أمام هذا العقل الذكي، لم يشأ أن يدخلها في دين الله بسلطانه عليها، وامتلاكه لأمرها، بل رأى أن يقودها إلى الإيمان بعقلها، لتتعرف إلى الله سبحانه وتعالى بنفسها، فيكون هذا أقوم لدينها، وأثبت لإيمانها..

ِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ»

..

والصرح هو البناء العالي المزخرف، وسمى بذلك لأنه صريح خالص من الشوائب والعيوب.. والممرد: الأملس، ومنه الأمرد، وهو الذي لم ينبت شعر عارضيه..

إن هذا الصرح الذي دعاها سليمان إلى دخوله، والذي حسبته- لصفائه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015