ثم ضرب الله سبحانه مثلا للكافر ولأعماله التي تدخل فى باب الإحسان، وما لهذه الأعمال من وزن عند الله!.
فالكافر فى ذاته حجر صلد، أصمّ، لا يمسك خيرا، ولا يجود بخير!.
وأما ما يكون منه من أعمال حسنة فى ظاهرها، فهى أشبه بما يعلو هذا الحجر الصلد الأصم من تراب.. والتراب من شأنها أن تنبت الزرع، وتخرج الثمر، إذا رواها الماء واختلط بها.
والصورة تبدو هكذا: الكافر وأعماله التي يرجى خيرها، والحجر الصلد وما عليه من تراب، يرجى منه أن يكون يوما أرضا معشبة، أو حبة مثمرة! وينجلى الأمر عن هذا الموقف هكذا:
الكافر يوم القيامة، وقد جاء عريانا مجردا من كل عمل ينفعه فى هذا اليوم.. والحجر الصلد وقد أصابه الغيث فجرف بتياره العنيف كل ما عليه من تراب، فانكشف وتعرّى، وأصبح ولا موضع فيه لنبت يطلع منه! وفى هذا يقول الله تعالى: «فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ» والصفوان: الحجر الأصم. والوابل: المطر الغزير، والصلد: الأصم الأملس.
وقوله تعالى: «لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا» استحضار للكافرين جميعا ليشهدوا هذا الموقف الذي يتعرّى فيه الكافر من كل شىء، كما أنه استحضار للمحسنين الذين أبطلوا إحسانهم بالمن والأذى.