وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265)
التفسير: بعد أن ضرب الله سبحانه وتعالى مثلا للذين ينفقون ولا يتقبل الله ما ينفقون، لأنهم إما كانوا كافرين بالله، وإما كانوا مؤمنين ولكن يتبعون ما أنفقوا المنّ والأذى- بعد أن ضرب الله مثلا لهؤلاء وأولئك، ضرب- سبحانه- مثلا للمؤمنين الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله، ابتغاء مرضاته.
فمثل ما ينفق هؤلاء المؤمنون كمثل من غرس جنة بربوة عالية، وهى المكان المرتفع، تستقبل أشعة الشمس صافية مطلقة، وتتنفس أرواح النسيم عليلا بليلا، وتمتص أنداء الليل نقية معطرة، وترتضع أخلاف السحاب عذبة صافية، وهذا ما يجعل ثمرها مباركا، وعطاءها جزلا مضاعفا، بما اجتمع لها من طيب المكان، والماء الروىّ، وسلامة المفترس من الآفات.. وهكذا يربى الله للمؤمنين المتصدقين صدقاتهم، إذا غرسوها بعيدا عن متناول الآفات التي تأكلها وتأتى عليها، وهى المنّ والأذى.
وقوله تعالى: «فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ» أي أن هذه الجنة التي قامت فوق الربوات العالية، لا تنقطع عنها أمداد السماء، فإن لم يسقها المطر الغزير فى بعض الأوقات، سقتها أنداء الطل التي لا تنقطع أبدا فى تلك المواطن.. وكذلك إحسان المحسن المؤمن، ينمو ويزدهر مثل تلك الجنّة، فإن فضل الله دائما متصل بهذا الإحسان، يغذيه وينميه لصاحبه، حتى يجده شيئا عظيما يسر العين، ويشرح الصدر!.