شبها، وجعل بعضها إنسيّا، وجعل بعضها وحشيّا، وبعضها عاديا، وبعضها قاتلا..
وكذلك الدرّة والخرزة، والنمرة، والجمرة.. فلا تذهب إلى ما تريك العين، واذهب إلى ما يراك العقل..
«وللأمور حكم ظاهر للحواس، وحكم باطن للعقول.. والعقل هو الحجة.. وقد علمنا أن خزنة النار من الملائكة، ليسوا بدون خزنة الجنة، وأن ملك الموت ليس دون ملك السحاب، وإن أتانا بالغيث، وجلب الحياة» (?) .
والذي يعنينا من هذا الكلام، أن الموجودات إنما تأخذ كيفيتها على حسب مدركاتنا، أو بمعنى أصحّ، أننا نكيّف الموجودات حسب وقوعها على حواسنا ومدركاتنا..
وإذا كان الإسلام قد جعل معيار الأخلاق وتقويمها إلى بصيرة الإنسان، يحتكم فيها إلى قلبه، ويرجع فيها إلى ضميره- فإنه لم يغفل عن الجانب الضعيف فى الإنسان، ذلك الجانب الذي تهبّ من جهته الأهواء الذاتية، والشهوات الشخصية، فتثير الاضطراب فى كيان الإنسان، وتنذره بالهلاك الذي يتهدد سفينته الضاربة فى محيط الحياة.. ففى كيان الإنسان نفس أمّارة بالسوء، ورغبات نزّاعة إلى الهوى..
لهذا كانت تعاليم الإسلام، موجهة إلى تقوية هذا الجانب الضعيف فى الإنسان، ودعمه بكل ما يضمن للإنسان الأمن والسلام من هذا الجانب، لو أنه اتبع وصايا الشريعة، وعمل بها،