غير زىّ الآباء والأجداد، وكذلك النقد الذي يتعاملون به، إنه يأخذ صورا وأشكالا فى كل عصر..
وبهذا الزىّ، وهذا النقد.. افتضح أمر الرجل للقوم، وبدا واضحا أنه من عالم غريب عنهم..
أما ما يقال من أن فتية الكهف قد تغيّرت حالهم الجسدية، فطالت شعورهم حتى جاوزت قاماتهم، وطالت أظافرهم.. إلى غير ذلك من العوارض التي تعرض لمظهر الإنسان بفعل الزمن- ما يقال من هذا فهو غير صحيح، والدليل على بطلانه، أنه لو كان شىء من هذا قد عرض للفتية أثناء نومهم لرأوا هذا ظاهرا فيهم، حيث يرى بعضهم بعضا، ولأنكروا أنفسهم قبل أن ينكرهم الناس.. ولما قالوا: «لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ» والأقرب إلى ما تشير إليه أحداث القصّة، أن الفتية لم يتغير منهم شىء، منذ ناموا إلى أن بعثوا من رقدتهم، بل جمدوا على الحال التي دخلوا فيها الكهف، وأسلموا أنفسهم للنوم.. وهذا أبلغ فى الدلالة على ما للقدرة الإلهية، من سلطان على الوجود، وعلى الأسباب والمسببات جميعا.
«وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها.. إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً» .
فقد اختلف رأى القوم فى شأن الفتية، وما يصنع بهم بعد أن ماتوا، ثم انتهى الرأى إلى أن أقاموا مسجدا عليهم، تكريما لهم، واعترافا بأنهم من أهل الإيمان..
ويخيل للمرء أن القصة قد انتهت، وأن هذه هى خاتمتها.. ولكن سرعان ما تنتقل به القصة عبر القرون، وتطوّف به فى الأمم والشعوب، فيسمع