أصداء القصة تتردد فى كل أفق، وتجرى على ألسنة الأمم، يتناولها الناس بتعليقاتهم، على ما اعتاد الناس أن يصنعوه مع كل حدث عجيب من أحداث الحياة.. وإذا الأحاديث مختلفة، والأخبار متضاربة، كلّ يحدّث بما وقع له فى تصوره، مما اجتمع لديه من مختلف المقولات..
«سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ.. وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ، وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ.. قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ» .
ويخيّل للمرء مرة أخرى أن القصة قد انتهت، ولكن ما إن يستريح لهذا الخاطر، حتى تظهر له تلك المفاجاة الكبرى التي تملأ النفس عجبا ودهشا.
فالقصة إلى الآن تكاد تدور فى محيط الواقع الممكن..
جماعة أنكروا باطل قومهم، حين أشرقت قلوبهم بنور الحق، ثم فرّوا بدينهم خوف الفتنة فيه، فلجأوا إلى الكهف ليختفوا فيه أياما.. ثم أخذتهم فى الكهف نومة، استيقظوا بعدها جياعا، فبعثوا أحدهم إلى المدينة يجلب لهم طعاما حلالا.. ثم كان أن وقع المحذور، وعرف القوم أمرهم وكشفوا سرّهم..
قصة تحدث كثيرا فى الحياة، يستمع إليها المرء، وينتهى منها، ولا يكاد يدهش لشىء فيها، إلا ما تحمله الآيات من روعة التصوير، وبراعة العرض، وإعجاز البيان.
ولكن ما يكاد المرء يطمئن إلى هذا، حتى يفجأه هذا الخبر المذهل:
«وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً» .
يا لله! ..
نومة تستغرق هذه المئات من السنين، ثم يكون بعدها يقظة وحياة؟