مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»
(71- 73: القصص) وليست هذه هى معطيات النظر فى اختلاف الليل والنهار، بل هى معطياته فى كل نظرة ينظر بها إلى كل ما خلق الله فى السموات والأرض.. من الهباءة والذّرة، إلى الشموس والكواكب.. ففى كل ما خلق الله، لمسات من حكمته، وأقباس من علمه، ونفحات من رحمته، وآثار من قدرته..
والنّظر المتفحّص الذكىّ، هو الذي يكشف عن وجود الله، ويحدّث عن جلاله، وعظمته، وتفرّده بالخلق والأمر.. ومن هنا ينبعث الإيمان بالله، ويقوم الولاء له، وتتحقق التقوى للمتقين من عباده.. إن فى ذلك «لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ» .. فلا تقوى لمن لا يعرف الله، ولا يعرف الله، من لا علم له بما أبدع الخالق وصوّر، وبما فى هذا الإبداع والتصوير من علم العليم وحكمة الحكيم، وقدرة القدير.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» .. فعلى قدر ما يعلم الإنسان من صفات الخالق بقدر ما يكون إيمانه به، وخشيته له، واتقاؤه لمحارمه! قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ» هو وعيد لأولئك الّذين لا يتدبّرون فى ملكوت الله، ولا يتفكرون فى خلق السموات والأرض- فلقد أهملوا استعمال ملكاتهم التي أودعها الله