والإعزاز، إذ كان من آثار قدرته، وعلمه، وحكمته.. فإن ما تبدع يد الحكمة والعلم والقدرة لا يكون هملا، ولا يذهب مذهب الضّياع..
هكذا شأن كل ذى صنعة مع ما صنع.. هو ضنين به، حريص عليه..
فكيف بالصّانع الأعظم، وكيف بأحكم الحاكمين، وأعلم العالمين..
الله رب العالمين..؟
فهذا الحقّ الذي خلقت به السموات والأرض، هو الذي يمسك بهذا الوجود، ويسرى فى عوالمه، ويشتمل على كل ذرّة من ذرّاته..
فبالحق خلق كل مخلوق، وبالحق قام كل موجود..
- وفى قوله تعالى: «يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» إشارة إلى أن العلم هو المفتاح الذي يفتح مغالق هذا الكون، ويكشف معالم الوجود، وأسراره.. وأن من لم يحصّل العلم والمعرفة، فلن يكون له حظّ من النظر إلى هذا السكون، ولن يمسك بسرّ من أسراره، ولن يتعرف على آية من آياته..
وقوله تعالى: «إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ» يشير إلى أن التقوى لا تقوم فى كيان إنسان إلا ومعها العلم.
ذلك أنه إذا نظر الناظر إلى هذا الوجود بعين العالم، وبأجهزة العلم، رأى فى اختلاف الليل والنّهار، وفى تعاقبهما لمحة مشرقة من لمحات حكمة الله، وقدرته وعلمه.. ففى هذا الاختلاف بين اللّيل والنهار ضمان وثيق لكفالة الحياة للكائنات على هذا الكوكب الأرضى.. فما كانت لتطيب الحياة أبدا، بل ولا تقوم الحياة بحال، للمخلوقات- وخاصة الإنسان- لو أن الزمن كان نهارا دائما، أو ليلا مستمرّا.. وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى:
«قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ