سبحانه وتعالى فيهم، وشغلوا بأنفسهم، وألهتهم الحياة الدنيا عن أن يرفعوا أبصارهم إلى أبعد مما تصل إليه أيديهم، من مطلوب شهواتهم البهيمية، ولذاتهم الجسدية، فغفلوا عن آيات الله، وعموا عن النظر إلى ملكوت الله، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنّوا بها.. وإنه ليس لهؤلاء اللاهين الغافلين إلا النار، لأنهم لم يكسبوا فى حياتهم الدنيا إلّا ما هو من النّار وإلى النار..
- وفى قوله تعالى: «وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ» بالعطف على قوله سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا» إشارة إلى أن هذا الذي أوقع هؤلاء الضالين فيما هم فيه، من عدم توقعهم للقاء الله، والحياة الآخرة، حتى رضوا بالحياة الدنيا، وأعطوها كل وجودهم، واطمأنوا إلى السّكن إليها- إنما كان ذلك لأنهم غفلوا عن النظر فى آيات الله، والتفكر فى ملكوت السّموات والأرض.. ولو أنهم نظروا وتدبروا لكانوا على غير ما هم عليه، ولآمنوا بالله، ولأيقنوا بلقائه، ولعملوا لهذا اللقاء، واستعدّوا له، فذلك هو شأن «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ» (191: آل عمران) وقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» هو عرض للوجه المقابل للذين عموا عن النظر فى ملكوت السموات، والأرض، فلم يؤمنوا بالله، ولم يرجوا لقاءه.. وهو وجه الذين آمنوا بالله،