وأي خطوة يخطونها، ويقطعون بها واديا أو يجتازون مفازة، يكتبها الله لهم، ويضيفها إلى حسابهم.. وذلك «لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» .
وفى قوله تعالى: «لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» ما يشير إلى أن الله سبحانه وتعالى ينزل المجاهد منازل رضوانه، ويستضيفه فى ساحة كرمه، منذ أن يبدأ فى التهيؤ للجهاد إلى أن يعود إلى منزله الذي خرج منه، أو يستشهد فى سبيل الله.. وأن كل خطوة من خطواته وهو على طريق الجهاد، وكل حركة، أو لفتة، أو إشارة منه، هى مما يعدّ عند الله فى باب الإحسان، وذلك للمجاهد خاصة من دون الناس جميعا، حتى إذا آب المجاهد من جهاده كان سجل أعماله كلّه حسنات.. «لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» أما السيئات، فلا سيئات، إذ قد تجاوز الله عنها.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ» (16: الأحقاف) .
قوله تعالى: «وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» مناسبة هذه الآية لما قبلها، هو أن الآيتين السابقتين قد جاء فيهما إنكار على المتخلفين عن رسول الله، وأمر ملزم لهم بالجهاد معه، كما جاء فيهما عرض كاشف لما اختصّ الله سبحانه وتعالى به المجاهدين من أجر كريم، وثواب عظيم، لا يناله غيرهم، ولا يبلغه سواهم- وقد كان ذلك داعيا إلى تحريك أشواق المسلمين إلى بلوغ هذه الغابة، واللحاق بأهلها، وذلك لا يكون