وكيف بهنأ لمسلم طعام أو يسوغ له شراب، وهو يرى النبي يخوض غمرات القتال، ثم يضنّ بنفسه عن أن تأخذ مكانها فى المجاهدين، والمستشهدين، أهناك عند المؤمن بالله شىء أعزّ عليه من النبىّ، ونفس أكرم عليه من نفسه؟
والله سبحانه وتعالى يقول: «النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» .
- وفى قوله تعالى: «ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً، يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ» .
الإشارة هنا بقوله تعالى «ذلك» مشار بها إلى ما تقدم فى صدر الآية من الإنكار على أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله، وأن يؤثروا أنفسهم على نفسه، ويضنّوا بها على معاناة الجهاد، وحمل أعباء القتال، فهذا الإنكار عليهم إنما هو بسبب أنهم سيغبنون أنفسهم، ويحرمونها ما أعدّ الله المجاهدين من أجر عظيم، لكل عمل يعملونه فى سبيل الله، ولكل ضرّ أو أذى يصيبهم وهم على طريق الجهاد.. فلا يصيبهم ظمأ، ولا يمسّهم تعب، ولا تنالهم مخمصة (أي جوع) .. إلا كتبه الله لهم وأجزل لهم المثوبة عليه.. كذلك لا ينالون من عدوّ نيلا، ولا يصيبونه بوهن أو ضعف، إلا كتب لهم به عمل صالح، وعدّ لهم قربة عند الله، يدخلون بها مداخل المحسنين.. و «إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ» .
قوله تعالى: «وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» .
هو عطف على ما سبق من الأعمال الصالحة التي تكتب للمجاهدين، وتسجّل فى سجلّ أعمالهم.. فأية نفقة- ولو كانت صغيرة- تكتب لهم،